عشرة حقائق !!!!!........
تتتواصل الاسئلة الملحة على الاجندة السياسية والاستراتيجية الفلسطينية اليوم ونحن على اعتاب العام 2010 اكثر من اي وقت مضى، خاصة بعد التطورات السياسية الدرامية المتعلقة باعتزام الرئيس الفلسطيني الانسحاب من السياسة الرسمية، بعد ان اعلن عن خيبة امله من الادارة الامريكية الجديدة التي لم تلب ما وعدته به من تجميد للاستيطان اليهودي على اقل تقدير، وبعد ان اصبحت "اسرائيل-نتنياهو" سافرة بلا قناع، مجمعة على مواصلة ليس فقط انشطة الاستيطان والتهويد وشطب القضية الفلسطينية، بل والحروب المفتوحة على انواعها ضد شعبنا في مختلف الاماكن الفلسطينية.
ما يعيد الامور الى حقيقتها، حيث هناك على اقل تقدير عشر حقائق كبيرة تتسيد المشهد الفلسطيني اليوم، ومن المرجح ان تستمر على مدى العام/2010، وربما حتى نهاية ولاية حكومة نتنياهو كاملة، بل ربما تكون مساحة الحقائق-التحديات- الماثلة في المشهد الفلسطيني لاحصر لها، وهي متكاثرة يوما عن يوم، غير ان ابرزها واخطرها- وكنا قد اشرنا اليها في دراسات عديدة:
الحقيقة الاولى- ان فلسطين تواجه منذ بداية عهد حكومة نتنياهو اجتياحا صهيونيا بلدوزريا تجريفيا استيطانيا هو الاخطرمنذ النكبة..!
-
الحقيقة الثانية- ليس واردا في استراتيجيات الدولة الصهيونية لا تكتيكيا ولا استراتيجيا اي اعتبار او احترام اوالتزام باي تفاهم او اتفاق مع السلطة الفلسطينية....!
-
الحقيقة الثالثة- ان الاحتلال يواصل اقصاء الفلسطينيين رئاسة وحكومة وشريكا وشعبا له قضية ووجود وحقوق راسخة.
-الحقيقة الرابعة- ان تلك المخططات والخرائط الاحتلالية لا تشتمل عمليا - كما يريد الاحتلال- الا على هياكل سلطة تقوم بدور الوكيل الامني للاحتلال والشاويش داخل المعتقلات– الغيتوات- الفلسطينية...!
-الحقيقة الخامسة- ان الدولة الفلسطينية الموعودة، دولة خريطة الطريق ما تزال على الورق وفي الخريطة فقط، ولكنها مع وقف التنفيذ، وان اعلنت في اي وقت من الاوقات في المستقبل فانها لن تكون سوى دولة خريطة الطريق، وستكون بمضامين ومواصفات الخريطة، اي دولة فلسطينية مستقلة بسيادة اسرائيلية او امريكية – سيان – كاملة....؟!!
- الحقيقة السادسة- ان هناك في هذه المرحلة تفاهما وتعاونا وتحالفا ما بين الادارتين الامريكية والاسرائيلية فيما يتعلق بقصة استئناف المفاوضات"الاكذوبة"، والاجندة السياسية الامنية الامريكية في فلسطين وعلى امتداد مساحة العرب هي الاجندة الاسرائيلية ذاتها ...!
- الحقيقة السابعة الاكبر والاخطر- ان مشروع الاحتلال يجري تطبيقه على الارض الفلسطينية على مدار الساعة دون الالتفات الى الفلسطينيين والعرب، او الى المجتمع الدولي، والاحتلال يسابق الزمن في بناء وتكريس حقائق الامر الواقع الاستيطاني التهويدي في القدس وانحاء الضفة، وغدت خرائط الاستيطان والجيش هي التي ترسم مستقبل الضفة.
- الحقيقة الثامنة- وهي المتعلقة بالعملية السياسية، حيث انغلاق الآفاق بات واضحا، وليس هناك من افق حقيقي لاي مفاوضات حقيقية ليس فقط في العام الجديد، وانما على الارجح على مدى سنوات حكم نتنياهو التي من المتوقع وفق المعطيات الاسرائيلية الراهنة ان تستمر على مدى الولاية الاولى لاربع سنوات، وربما تمتد الى ولاية اخرى لنصبح بانتظار ثماني سنوات ليكودية على الارجح انها ستكون بكاملها سنوات استيطان وتهويد وحروب. وفي العملية السياسية التي خاب امل الرئيس الفلسطيني منها بعد ان كان تمسك بها على مدى عقود من الزمن، فان المطلوب من الفلسطينيين اسرائيليا وامريكيا هو مواصلة المفاوضات من اجل المفاوضات فقط ، بينما تكسب دولة الاحتلال الوقت وحقائق الامر الواقع على الارض.
-الحقيقة التاسعة- ان الحرب الاعلامية -القانونية –القضائية- الاخلاقية ضد اسرائيل غدت تشكل وفق مؤشرات عديدة الجبهة الرئيسية للفلسطينيين في الافق، وخلال العام المقبل وابعد، فكل الساحة الفلسطينية ترى ان هذه الجبهة هي الاهم مستقبلا..
- الحقيقة العاشرة- تلك المتعلقة بالحال الفلسطينية، فلعنة الانقسام والتفكك الفلسطيني هي الاشد خطورة، وهي التي تهدد المشروع الوطني الفلسطيني بكامله، فضلا عن انه -أي الانقسام- يشكل في هذه المرحلة "مصلحة اسرائيلية عليا" تعمل اسرائيل على استمراره بل تستخدم الفيتو من اجل احباط اي محاولة فلسطينية لانهاء الانقسام، ليلقي هذا الانقسام الكارثي بظلاله القاتمة على اوضاع القطاع، وليساعد الاحتلال في تشديد وتعميق وتكريس سياسات الحصار والاغلاق والتجويع بهدف التركيع.
واليوم وبعد عام على محرقة غزة، وما بين الرصاص المصبوب والجدار الفولاذي المرعب، يواصل الاحتلال حصاراته واطواقه ويغلق بوابات القطاع البرية والبحرية والجوية، ليتحول مليون ونصف فلسطيني هناك الى نزلاء اضخم معسكر اعتقال على وجه الكرة الارضية.
كان عمرو موسى وصف الانقسام بأنه "لعنة أصابت الفلسطينيين وأصابتنا جميعاً في مقتل"، محذراً من أنه إذا لم يتم وقف هذا الاقتتال فوراً فسوف يقضي على القضية الفلسطينية برمتها"، مختتما: "إذا كان الفلسطينيون لا يعلمون أنهم يرتكبون جريمة كبرى في حق فلسطين وشعبها، فيجب علينا أن نعيد النظر في مفاهيم كثيرة من جديد".
الباحث الاسرائيلي المعروف ميرون بنفنستي كثف في "هآرتس" تداعيات الحال الفلسطينية قائلا:"ان إسرائيل نجحت في تحطيم المجتمع الفلسطيني الى أجزاء والفلسطينيون يساعدون في تكريس هذه الظاهرة، وعليه فهم ليسوا بحاجة الى نلسون مانديلا وانما الى جوسبا غريبالدي يظهر من بين صفوفهم ويوحدهم".
فهل هناك اصعب واقسى من هكذا انحدار فلسطيني؟! لذلك- نعتقد بقناعة راسخة ان العام/2010 سيكون بالنسبة لفلسطين أقسى وأشد وطأة على مختلف المستويات اذا لم يتدارك الفلسطينيون على اختلاف فصائلهم وقياداتهم الاوضاع الكارثية، واذا لم يلملموا جراحهم ويعيدوا صياغة اولوياتهم الوطنية..!
فـ"الوحدة الوطنية الفلسطينية" و"القيادة الجماعية من اقصى الاسلام مرورا بفتح الوسط وصولا الى اقصى اليسار" هي المخرج وهي البديل الملح والعاجل لهذا المشهد الفلسطيني النكبوي...!. فانياب نتنياهو بارزة تماما، واسرائيل اصبحت على حقيقتها سافرة بلا قناع..!. والجميع يقرأ مخططات وخرائط الاحتلال والجميع يتابع تحركاته باستكانة مرعبة...!.